.......... ....الرازي الطبيب العالم
.......... ............... هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي أحد العلماء المسلمين البارزين في مجال الطب، تنوعت مجالات المعرفة لهذا العالم العظيم في العديد من المجالات التي نبغ بها والتي تمكن من تحقيق التكامل بين أفرع العلوم المختلفة لتكمل أحداهما الأخرى ويفوز هو بالنتائج التي يقدمها لخدمة العلم والطب.
نبغ الرازي كما سبق أن ذكرنا في العديد من العلوم منها الطب، الفلسفة، الكيمياء، الرياضيات، العلوم الطبيعية وغيرها الكثير، وكانت من ثمار هذا الجهد المتواصل للرازي مجموعة المؤلفات الضخمة التي تركها إرث من بعده لأجيال من العلماء والدارسين في العديد من المجالات العلمية والتي أخذوها كمرجع لهم في الكثير من المسائل العلمية والطبية.
النشأة
ولد الرازي في عام 865 م في مدينة الري بإيران " تقع شرقي مدينة طهران حاليا "، عرف عن الرازي منذ الصغر عشقه للإطلاع والمعرفة فاتجه نحو الدراسة والبحث وتحصيل العلوم المختلفة، حيث كان يقضي وقت طويل فيهم.
فعمل على دراسة الرياضيات والموسيقى وعندما بلغ الثلاثين من عمره أتجه إلي دراسة الطب والكيمياء، وكانت القراءة هي رفيقه الدائم في رحلته العلمية والتي كان يستغرق فيها أوقاتاً طويلة، وخاصة في فترة المساء فكان يمكث في فراشه يقرأ قبل أن يخلد للنوم.
رحل الرازي إلي بغداد حيث عكف فيها على دراسة الطب واقبل على هذه الدراسة بشغف كبير وإصرار وعزيمة أن يحقق بهذه الدراسة الكثير، وبعد أن أتم دراسته قام بترأس البيمارستان العضدي في بغداد، ثم عاد مرة أخرى إلي موطنه الأصلي في الري حيث شغل هناك منصب رئيس الأطباء في البيمارستان الملكي فيها.
إنجازاته
ساهم الرازي بالعديد من الاختراعات والابتكارات في مجال الطب والكيمياء هذا نظراً لذكائه وأبحاثه وسعيه الدائم من أجل العلم مما جعله مساهم أساسي في العديد من الأمور الطبية والعلمية التي يسير عليها الأطباء والعلماء إلي الآن، نذكر من إنجازات الرازي العلمية ما يلي:
- ابتكاره خيوط القصاب من أمعاء القطط هذه الخيوط التي تستخدم في العمليات الجراحية.
- قام باستعمال الفتائل في الجروح.
- كان هو أول من فرق بين كل من الجدري والحصبة وقام بوصف كل منهما وصفا دقيقا.
- قام بتركيب مراهم الزئبق.
وغيرها العديد من الإنجازات الطبية الهامة، فكان الرازي هو أول من استخدم الكيمياء لخدمة الطب فقام بتحضير عدد من المركبات الكيميائية التي تخدم الصيدلية مثل أنه أول من قام بتحضير مادة الكحول من مخمرات محاليل سكرية، وحمض الكبريتيك بتقطير كبريتات الحديد.
كما عمل الرازي على تقديم شرح لعدد كبير من الأمراض منها أمراض الأطفال والنساء والولادة، وجراحة العيون وأمراضها، ومارس الرازي العديد من الأمور الطبية المتخصصة التي نعرفها اليوم في الطب الحديث حيث كان يعتمد في دراساته وأبحاثه على إجراء التجارب والتحقق العملي منها للحصول على النتائج وكان يختبر الدواء أولاً على القرود قبل أن يعطيه للإنسان، كما عمل على متابعة الحالة المرضية وتسجيل التطورات التي تطرأ عليها لكي يتمكن من تقديم العلاج المناسب لها، وعمل على إجراء التحاليل للمريض وقياس النبض لكي يتمكن من تشخيص المرض.
وكان يدعو دائماً للعلاج بالدواء المفرد وعدم اللجوء للدواء المركب إلا في حالات الضرورة، وكان يقول في ذلك " مهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد، فلا تعالج بدواء مركب".
شهرته العالمية
نال الرازي شهرة عالمية وذاعت شهرته في العديد من البلاد الأوربية كما لاقت مؤلفاته انتشار هائل وتم ترجمتها لعدد من اللغات الأوربية مثل اللاتينية والفرنسية والألمانية، كما أعيد طبعها أكثر من مرة وضمت المكتبات الأوربية هذه النسخ والتي قاموا باستخدامها كمراجع طبية هامة، ومصدر للدراسة والعلم، وظلت هذه المؤلفات هي المراجع الرئيسية للطب في أوروبا حتى القرن السابع عشر الميلادي.
ومما يدل على مدي تأثير هذا العالم الطبي العظيم على الساحة العلمية هو احتفاظ جامعة "برنستون" الأمريكية بمؤلفاته في واحدة من أعظم قاعاتها، كما قامت بإطلاق أسمه عليها كنوع من التكريم والتبجيل لهذا العالم العظيم نظراً لجهوده العلمية المؤثرة في العلوم الطبية.
مؤلفات الرازي
أثرى الرازي المكتبة الطبية والعلمية بالعديد من المؤلفات الهامة التي شملت العديد من المجالات فيوجد له مؤلفات في الطب والكيمياء والفلسفة والمنطق.
نذكر من مؤلفاته الطبية :الحاوي في علم التداوي، الجدري والحصبة، المنصوري في التشريح، الكافي في الطب، سر الطب، منافع الأغذية، دفع مضار الأغذية وغيرها العديد من الكتب في المجال الطبي.
أما بالنسبة لمؤلفاته في الطبيعيات فمنها كيفيات الإبصار، شروط النظر، الهيولي المطلقة والجزئية، هيئة العالم.
اشتهر الرازي في علم الكيمياء كواحد من رواد هذا العلم والذي استغرق في دراسته وأجراء العديد من التجارب الكيميائية والتي وظفها في خدمة الطب. وعرف الرازي كواحد من تلاميذ العالم العربي الكبير جابر بن حيان رائد علم الكيمياء. ومن مؤلفات الرازي في علم الكيمياء هي سر الأسرار، التدبير، الأكسير، رسالة الخاصة، الحجر الأصفر.
هذا بالإضافة إلي مؤلفاته في مجال الفلسفة ومنها المدخل إلي المنطق، المدخل التعليمي، المدخل البرهاني.
ويوجد الكثير من المؤلفات الأخرى والتي تضمها أعظم المكتبات حول العالم.
الوفاة
توفى الرازي في عام 936 م، وذلك بعد أن قدم العديد من الخدمات العلمية الجليلة وبعد أن بذل الكثير من الجهود من أجل أبحاثه وتجاربه حتى أنه فقد بصره في أواخر حياته نتيجة لشغفه بالإطلاع المستمر واستغراقه في القراءة لفترات طويلة من الليل.
من أقواله
- عالج أول العلة بما لا يسقط القوة, وما اجتمع عليه الأطباء وشهد عليه الناس وعضدته التجربة وليكن أمامك.
- إن استطاع الحكيم أن يعالج بالأغذية دون الأدوية فقد وافق السعادة.
- ينبغي للمريض أن يقتصر على واحد ممن يوثق به من الأطباء فخطؤه في جنب صوابه يسير جدا.
- الحقيقة في الطب غاية لا تدرك والعلاج بما تنصه الكتب دون إعمال الماهر الحكيم برأيه خطر.